الاثنين، 2 فبراير 2015

النفط رابح والدول خاسرة



طريقة احتساب «نقطة التعادل» تكشف تخاذل صناع القرار



بقلم : أيمن نبيل غانم 

تختلف طريقة حساب الأرباح النفطية من دولة إلى أخرى، لكنها لا تقوم على أسس سليمة في جميع الدول النفطية، أي المصدرة للخام، باستثناء النرويج، التي يشترط نظامها الاقتصادي الأساس عدم زيادة نسبة ايرادات النفط في ميزانيتها عن 4 في المئة، ولذا فان احتساب نقطة التعادل في ميزانيات هذه الدول ومنها الكويت لا تعبر عن أداء النفط بالربح والخسارة، وانما عن أداء الحكومات بالافراط في الاعتماد عليه أو النجاح في تنويع الموارد.
والمعروف ان طريقة احتساب نقطة التعادل broken even في الميزانيات بصفة عامة تقوم على تحليل العلاقة القائمة بين الربح والايرادات والتكاليف، لتبين النقطة التي يجب أن تغطي عندها المبيعات التكاليف كافة.
وتهتم الدول كثيرًا لدى وضع التقديرات لميزانياتها باحتساب نقطة التعادل، لتجنب خطر الوصول إلى مرحلة السحب من الاحتياطيات، وتضع في الحسبان التكاليف المتغيرة والتكاليف الثابتة.
وبحساب نقطة التعادل للنفط من حيث تكاليف انتاجه مقارنة بالعائد، أو الايراد الذي يحققه، يظهر بوضوح أنه نشاط اقتصادي رابح تمامًا في غالبية الدول النفطية، وبالأخص دول الخليج، فحسب تقديرات سابقة لـ Source:u.s.energy information administration، فان معدل اجمالي تكاليف انتاج الخام في منطقة الشرق الأوسط يبلغ 16.88 دولارًا، ولا شك ان دول الخليج والكويت خاصة، هي الأقل في كلفة الانتاج في المنطقة، في وقت يبلغ معدل التكاليف عالميًا 25.08 دولارًا، وفي الولايات المتحدة 33.76 دولارًا .
لكن المشكلة هنا هى أن نقطة التعادل للنفط، هى ذاتها تقريبًا نقطة التعادل لكثير لميزانيات الدول النفطية من بينها الكويت، والتي اعتمدت ميزانياتها 2014/2015 على الايرادات النفطية بنسبة 93.71 في المئة، بينما ايرادات جميع الأنشطة في الدولة لا تمثل سوى 6.3 في المئة من الميزانية، وبالنظر إلى أن معدل الاعتماد على النفط في الميزانية السابقة 2013/2014 بلغ 93.30 في المئة، كما بلغت الايرادات غير النفطية 6.70 في المئة ، يتبين أن الاتجاه كان في صالح الافراط في الاعتماد على الخام كمورد أحادي بدلًا من عكس الاتجاه نحو التنويع ، كما يتبين غياب أثر أو على الأقل تأخر ظهور أثر مشروعات التنمية على الاقتصاد المحلي.
وتظهر ميزانية الكويت 2014/2015 فارقًا كبيرًا في احتساب نقطة التعادل للنفط، بين ما يحتاجه الخام كنشاط اقتصادي ليخرج رابحًا وبين ما تحتاجه الميزانية لتخرج دون عجز، فتكليف انتاج النفط سجلت بمستوى 2.483 مليار دولار أميركي، بينما ايراداته سجلت بأكثر من 18.805 مليار دينار كويتي، وقد تم احتساب نقطة التعادل للميزانية وليس للنفط عند مستوى 75 دولارًا للبرميل، وبتراجع الأسعار بعد فشل أوبك في خفض الانتاج إلى مستوى تحت السبعين دولارًا، تكون نقطة التعادل مهددة بعدم التحقق.
والواضح هنا أن نقطة التعادل للنفط لا تحسب على أساس كلفة انتاجه مقارنة بسعر البيع، ولكن تحسب على أساس كلفة الانتاج مقارنة بحاجة الحكومات لسعر معين يفي بجميع الالتزامات وأوجه الانفاق في الميزانية، وهذه الحسبة الخاطئة متواصلة منذ عقود، دون محاولات جادة لانتشال الميزانيات من خطر الاعتماد على مصدر أحادي شديد التذبذب، والحساسية تجاه جميع التغيرات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، وبمراجعة أسعار النفط خلال الخمس سنوات الماضية صعودا وهبوطا يتأكد أن أسعاره في الغالب كانت قادرة على تغطية نقطة التعادل وتحقيق الأرباح، إذًا فهو نشاط اقتصادي ناجح في أقسى الظروف، لاسيما مع التطور التقني الذي خفض مؤخرًا كلفة الاستخراج، ليبقى الفشل في ضبط الميزانيات وعجزها عن تحقيق نقطة التعادل معلقًا في رقبة الحكومات والمجالس النيابية وكل صناع القرار، وليس النفط.





المصدر : جريدة النهار 
تاريخ النشر : 2014/12/02

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق