الخميس، 22 يناير 2015

أثر تدني اسعار النفط على إيران





يمثل النفط في عالم اليوم عصب الحياة الاقتصادية على حد السواء في الدول الصناعية الكبرى والدول المنتجة أذ أصبح وجود الاقتصاد العالمي كله متعلق به،  ويبرز الدور المؤثر الذي تؤديه الدول الغربية في المرحلة المعاصرة من خلال سيطرتها على منابع النفط ومحاولتها السيطرة على العالم بأسره خلال العقود المنصرمة .
وقد شهدت السوق النفطية منذ عدة شهور تدني كبير في أسعار النفط العالمية ، الأمر الذي أحدث هزة سلبية عنيفة في ميزان مدخولات الدول المنتجة ، وانعش ميزان مدفوعات الدول المستوردة لهذه السلعة الاستراتيجية ، وإن استمرار انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى انتقال الثروة من البلدان المنتجة إلى البلدان المستهلكة، متمثلة بكبرى الاقتصادات العالمية مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان والصين. إذ تحصل الشركات على هامش أكبر وتتحسن القدرة الشرائية للمستهلكين. 
وتشير المعلومات إلى أنه من المفترض أن ترتفع أسعار النفط عندما تتعرض المناطق القريبة من حقول النفط للخطر العسكري في أية بقعة من العالم وبخاصة الشرق الأوسط. وما يجري في سوريا والعراق يدل دلالة واضحة على أن هذا العامل لم يقد إلى رفع أسعار الخام. فعلى الرغم من الحرب الضروس في هذين البلدين والتأزم السياسي في عدة أقطار عربية أخرى، انخفض سعر برميل الخام الأوروبي برنت من 111.8 دولاراً في أبريل/نيسان 2014, إلى 49 دولار في 19يناير /كانون الثاني 2015.
وكان لتدني أسعار النفط تأثير مباشر في دخول كثير من دول العالم في مآزق اقتصادية غير محسوبة، وبقدر تعلق الأمر بإيران ، فقد جاء الهبوط الكبير لأسعار النفط خلال الأسابيع الماضية ليربك حسابات إيران التي كانت تراهن على استثمار مفاوضاتهاالأخيرة مع الغرب بشأن برنامجها النووي لتقليص خسائرها جراء العقوبات المفروضة عليها بسبب تعثرها الوصول إلى تفاهمات حقيقية فيما يتعلق بسياساتها الإقليمية والدولية التي تسعى من ورائها الوصول إلى دولة كبرى مؤثرة في الشرق الأوسط ، لذلك سعت إلى زيادة إنتاجها وصادراتها من النفط، لكن تدني اسعار النفط قد أطاح بأحلام الإيرانيين الذين تراجعت صادراتهم النفطية تحت وطأة العقوبات من أربعة ملايين برميل يوميا إلى مليونين ومائة ألف عندما كان سعر البرميل مائة دولار ، ثم إلى مليون فقط بسعر 66 دولارا للبرميل الواحد ، فما بالك وإن الأسعار قد شارفت على الأربعين دولاراً ، وإيران تعتمد على النفط الذي يوفر لها 80% من عملتها الصعبة، و 60% من دخلها. وبهذا فإن تأثير الأسعار كبير جدا على ميزان مدخولاتها. الميزانية الجديدة التي قدمها الرئيس حسن روحاني تساعد إيران على تحمل أسعار أقل من التقدير الذي عبرت عنه الميزانية ، ولكن في الواقع إن إيران  بحاجة إلى سعر قريب من مئة دولار للبرميل من أجل الاستمرار. معظم الاقتصاديين يعتقدون أن إيران تستطيع أن تتحمل سعرا يتراوح ما بين أربعين وخمسين دولارا للبرميل ولكن فقط لمدة سنة. فالعقوبات أيضا تزيد من الضغط الاقتصادي. وعليه فإن أسعار النفط حالياً تضغط ولا تخنق الآن. لكن الشيء الذي مما لا شك فيه يشير إلى إن تدني أسعار النفط سيفضي على المدى البعيد الى تدهور الوضع الاقتصادي في إيران وإلى تقويض دورها في المنطقة. وأنه سيؤدي إلى تردي مركزها المالي ، خاصة أنها تفسر ذلك التدني بمثابة حرب على مصالحها الاقتصادية ومكانتها السياسية تشنها السعودية بدعم أمريكي، وقد تفسره على أسس قوامها تباطؤ الطلب ورغبة السعودية في الحد من تدهور إيراداتها، لكن النتيجة واحدة في الحالتين حسب وجهة النظر الإيرانية بأنها بالدرجة الأولى خدمة للدول الصناعية الكبرى التي وفرت وستوفر أموالاً طائلة والتي تجد في عملياتها العسكرية في العراق وسوريا ترويجاً تجارياً لأسلحته.

بقلم:
عذبي العصيمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق