رغم رفض عدد من جهات الدولة، وعلى رأسها وزارة الصحة، قرار توطين مشروع مصنع لانتاج وتكرير السكر في منطقة الشعيبة الشرقية، ورفض هيئة البيئة لهذا القرار، تعود هيئة البيئة عن قرارها، وتصدر قرارا بالموافقة على توطين هذا المشروع، الذي يصنف من بين الصناعات الغذائية في منطقة قريبة من مصانع تكرير البترول، والتي تعتبر مصدرا للغازات الملوثة، في مخالفة صارخة للقوانين واهمال واضح قد يؤدي الى التأثير سلبا على صحة المواطنين والمقيمين في البلاد.
حصلت " مصدر حكومي" على كتب رسمية تثبت مخالفة الهيئة العامة للبيئة للقوانين في موافقتها على توطين صناعات غذائية في منطقة الشعيبة الشرقية، التي تعج بالصناعات النفطية، ذلك بعد ان كانت قد رفضت المشروع.
وبدأت القصة عندما تسلمت الهيئة العامة للبيئة بتاريخ 19 مايو 2013 كتابا واردا من احدى الشركات تطلب فيه تخصيص موقع لوحدة تفريغ وتحويل المواد الاولية «الدبس» الى مواد قابلة للنقل الى المكان المخصص لاتمام عملية التكرير في منطقة الشعيبة الشرقية، ذلك بسبب حاجتها لموقع قريب من منفذ بحري لتهيئته لوحدة معزولة عن العوامل الجوية بهدف تفريغ حمولة الدبس شبه السائلة المنقولة بالبواخر بطريقة تتناسب مع سيولتها، لان التأخر في تفريغ هذه المادة سيؤدي الى تجمدها وتلفها.
واردفت الشركة في طلبها بأن عمل هذه الصناعة يتطلب ان تكون قريبة من موانئ الاستيراد، حيث تتم عملية ضخ السكر الخام، وهو عبارة عن مادة سائلة من البواخر التي تكون شحنتها كبيرة تتراوح الواحدة من 12500 طن الى 25 الف طن من البواخر الى الخزانات مباشرة وبأقصى سرعة، لافتة الشركة الى عدم وجود اي اثار بيئية ضارة من اقامة المصنع على المناطق المجاورة.
رفض الصحة
هيئة البيئة وبعد تسلمها طلب الشركة وجهت كتابا الى وزارة الصحة تطلب رأيها بتوطين مشروع انتاج وتكرير السكر في الشعيبة الشرقية، وجاء رد وزارة الصحة على هيئة البترول بشأن المشروع بتاريخ 17 يونيو 2013 كما يلي: «نفيدكم بأنه تم عرض الموضوع على جهة الاختصاص لدى وحدة صحة البيئة بقسم مكافحة الامراض في الوزارة، والتي اوضحت انه من اساسيات مبدأ توطين الصناعات هي التجانس مع هذه الصناعات، كما انه لا توجد صناعات غذائية في منطقة الشعيبة كون هذه المنطقة قريبة من مصانع تكرير البترول، والتي تعتبر مصدرا للتلوث بمركبات الهيدروكربون، اضافة الى ان الكثير من المصانع الموجودة في المنطقة مازالت خاضعة للرقابة البيئية وهناك نية من جهات الرقابة البيئية لتركيب محطات لقياس جودة الهواء في المنطقة ومراقبة درجات التلوث، مذكرة بأنه تم رفض اقامة منشأة لصناعة الاعلاف في المنطقة من قبل. وبناء على ما تقدم اوصت وزارة الصحة بعدم اقامة اي صناعات غذائية او صناعات غذائية مكملة او حتى تخزين اي مواد اولية غذائية في منطقة الشعيبة.
رفض البيئة
وفي تاريخ 26 يونيو 2013 رفضت الهيئة العامة للبيئة ممثلة بادارة التخطيط وتقييم المردود البيئي طلب الشركة بتوطين مشروع انتاج وتكرير السكر، وجاء في كتاب هيئة البيئة الموجه الى الشركة ما يلي: «انه اشارة الى كتابكم المؤرخ في 19 مايو 2013 بشأن توطين مشروع انتاج وتكرير السكر في منطقة الشعيبة الشرقية، واشارة الى كتاب وزارة الصحة المؤرخ في 17 يونيو 2013 بخصوص الموضوع المذكور اعلاه، ان الادارة المختصة في الهيئة العامة للبيئة قامت بالاطلاع على الموضوع، وبناء على ما جاء في كتاب وزارة الصحة برفض اقامة اي صناعات غذائية او صناعات غذائية مكملة او تخزين مواد اولية غذائية في منطقة الشعيبة الشرقية، ونظرا لكون هذه المنطقة قريبة من مصانع تكرير البترول والتي تعتبر مصدرا للغازات الملوثة، ترى الهيئة عدم الموافقة على توطين المشروع في الشعيبة الشرقية وضرورة ايجاد موقع بديل.
إعادة نظر
وعلى الرغم من رفض وزارة الصحة والهيئة العامة للبيئة على توطين مشروع انتاج وتكرير السكر في الشعيبة الشرقية، وجهت الشركة المعنية الى هيئة البيئة بتاريخ 23 يوليو 2013 كتابا جاء فيه ما يلي: «بالاشارة الى موضوع توطين مشروع مصنع انتاج السكر تم ابلاغنا بقراركم الصادر بتاريخ 26 يونيو برفض وزارة الصحة توطين مصنع السكر في الشعيبة الشرقية، مع العلم بان الموقع المقترح يوجد فيه مصنع للاسماك وهو من الانشطة الغذائية، مؤكدة الشركة ان جميع المعدات المستخدمة في مشروع السكر ذات تكنولوجيا متطورة ومصممة وفق نظام مغلق يحد من تأثير الملوثات على المواد الاولية، لذا نطلب تخصيص مكان للمشروع».
تراجع عن القرار
وبناء على كتاب الشركة الثاني تراجعت هيئة البيئة عن قرارها بالرفض وعادت منحت الشركة صاحبة المشروع الموافقة على توطين انتاج وتكرير السكر في الشعيبة، حيث وجهت الهيئة بتاريخ 29 يوليو 2013 كتابا للشركة المعنية ابلغتها بالواقعة على توطين المشروع في الشعيبة الشرقية، كما وجهت هيئة البيئة بتاريخ 30 يوليو 2013 كتابا خاطبت فيه الهيئة العامة للصناعة ابلغتها فيه بموافقتها على توطين مشروع السكر في الشعيبة.
العمير على علم بالمخالفات
اعترض عدد من الموظفين في الهيئة العامة للبيئة على قرار توطين مصنع السكر في الشعيبة الشرقية، وتوجه عدد منهم الى رئيس المجلس الاعلى للبيئة وزير النفط د. علي العمير، وتسليم مكتبه رسميا عددا من الملفات التي تتضمن تجاوزات قانونية ذلك بتاريخ 13 فبراير 2014، ذلك بهدف اتخاذ الاجراء اللازم تجاه هذه المخالفات ومحاسبة المخالفين في الهيئة، الا ان الوزير العمير لم يتحرك تجاه هذه القضية حتى الان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق